لقد كان إلى جانب مدرستي-التي تعلمت فيها
- مدرسة أخرى ..تلك هي أمي ..ففي كل
يوم كنتُ آخذُ منها درساً لا تقدِّمَهُ المدرسةُ
لي. فلقد رأيتها وهي تديرُ أمور البيت والأسرة
بحكمة عالية جداً ،فلديها سعةُ صدرٍ عجيبة.
.فإذا جاء أبي متعباً أو متألماً أو شاكياً مِنْ أمرٍ
ما رأيتها الصديق الصدوق،و الممرضة الحانية.
.والمعين الذي لا يبخل بنصح وبكلمة طيبة أو
بمشورة رائعة..كانت تتحدث معهُ وكأنّها
خبيرة نفسية أو أجتماعية ، وإذا عانى أحد
أولادها أوبناتها من أمر دراسي أو حياتي أو
أي شيء آخر ، تراها كالمستنفرة لا تهدأ
حتى يزول ما بهِ مِن شعور بالضيق أو الألم أو
الأنزعاج . عجيبة هذهِ ( الأسفنجية ) التي
تمتص كل مابنا من آلم
وتكتم ما في نفسها فلا يعلمه أحياناً إلاّ الله
، تعلمت منها .. أنّها قريبة جداً من الله تعالى
فهي تجد عندهُ كل شيءٍ..عافيتنا..ونجاحنا
..وسلامتنا..وتوفيقنا
..ورزقنا..ولايفتر فمها من
الدعاء لنا ، وفوق هذا وذاك..كانت
ذات حكمة في التعامل البسيط والعميق
مع المشكلات التي تواجه الأسرة..فقد
نتحير في مسألة حتى إذا جاء دورها قالت
بلطفها المعهود
ضيِّقها تضيق ...وسِّعها
تتوسع) وكم هي تنظر إلى البعيد..كانت
تشير عليِّ أن لا أصحب فلان وفلان وكنت
أتضايق أحياناً من آرائها رغم أنَّها تبين لي بعض الأسباب
..لكنهاتقول غداً ستدرك أن ما أشرتُ
به عليك هو الصواب ويأتي الغد وهو يحمل صواب رأيها...
أُمّيييييي مدرستي الثانية التي تعلمت منها الحياة.
.وإنّي لأنصحُ أخوتي وأخواتي الفتيات أن يتعلموا
دروس الحياة من أُمهاتهم خاصة إذا كُنَّ على وعي
وإيمان وفهم عميق للحياة..
اللهم أعني على بر أمي حتى ترضى عنا فترضى
اللهم اعني على الإحسان إليها في كبرها
اللهم ارزقني رضاها وأعوذ بك من عقوقها
آمين
آمين
آمين